حفرت البطلة المغربية نوال المتوكل اسمها بمداد مـن ذهب على ساحة ألعاب القوى المحليه والعربية منذ 1984، حيـث كانـت المرأة العربية الأولى التى أحرزت ميدالية ذهبية فى الألعاب الأولمبية. وبهذا الإنجاز الكبير، دخلت بطلة 400 متر حواجز الي تاريخ هذا النوع مـن الرياضات مغربيا وعربيا. عودة على جزء مـن مسار بطلة مـن ذهب. بورتريه:
نشرت فى:
6 دقائق
لا يمكن الحديث عَنْ ألعاب القوى النسوية فى العالم العربي بدون استحضار اسم البطلةالمغربية نوال المتوكل، التى تركت بصمة خاصة على هذه الساحة، وفتحت الباب امام العديد مـن البطلات الأخريات للتتويج بينما بعد فى المسابقات الدولية. وبفضل هؤلاء جميعا رفعت رايات بلدان المنطقة خفاقة فى محافل رياضية دولية.
لقد مر نحو أربعة عقود على إنجازها التاريخي فى 1984 عند حصولها على ميدالية ذهبية فى 400 متر حواجز كانـت هى الأولى التى تحصدها امرأة فى العالم العربي، إلا ان نوال المتوكل كاسم رياضى كثير، لا يزال يثير المزيد مـن الإعجاب والتقدير حتـى وسـط الأجيال الجديدة.
وهذا النجاح الباهر الذى صفق له الجميع وقتها وحتى الان، كان ثمرة مجهود فردي وأسري بدعم مـن الأجهزة الرياضية الساهرة على القطاع، اثبت المرأة المغربية والعربية عبره ان النساء عموما فى المنطقة قادرات على تحقيق العديد مـن النجاحات، إن توفرت لهن الظروف والأجواء المناسبة على غرار الرجال.
فالفوز الجميل والتاريخي الذى حققته البطلة نوال المتوكل، عبد الطريق امام بطلات أخريات توجن بميداليات فى مناسبات لاحقة سواء على المستوى المغربى أو العربي. فبرز اسم مواطنتيها نزهة بيدوان وحسناء بنحسي، الجزائرية حسيبة بولمرقة الفائزة بذهبية 1500 متر فى بطوله العالم لألعاب القوى عَامٌ 1991 ومواطنتها نورية بنيدة التى حصـلت على ذهبية أخرى فى نسخة سيدني 2000 عَنْ سباق 1500 متر، ثم التونسية حبيبة الغريبي التى حازت على الميدالية الذهبية فى الألعاب الأولمبية فى لندن 2012 فى سباق 3000 متر حواجز وغيرهن مـن البطلات.
“قصة حياة مليئة بالمشاعر”
وفي حفل تكريمي لها بالدار البيضاء بمناسبة عيد المرأة، اعتبرت نوال المتوكل أنها “مناسبة للانحناء إجلالا وتقديرا لنساء المغرب اللواتي يرفعن علم المغرب عاليا فى جميع المحافل الدولية، بالإضافة الي النساء المناضلات عبر تاريخ المغرب اللواتي ضحين بالغالي والنفيس مـن اجل تكريس حقوق المرأة”، وفق ما نقلته عنها وكالة المغرب العربي للأنباء.
وتابعت وكالة الأنباء الرسمية المغربية ان “قصة حياة السيدة المتوكل، المليئة بالمشاعر، شدت انتباه الحضور، ما دام الامر يتعلق بسيدة مثابرة آمنت بنفسها وناضلت مـن اجل تحقيق إنجاز اثناء الي الأبد فى سجلات ألعاب القوى العالميه” .
وتعود البطلة المغربية التى انتخبت مؤخرا مجددا كعضو فى اللجنة الأولمبية الدولية، على أجواء التحضير قبل تحقيقها للإنجاز التاريخي فى مقابلة نشرت لها على موقع “بي بي سي” بالقول: “كنت أشعر أنني قادرة على الوصول الي النهائى ضوء 8 عداءات، ولكن المدربين كانوا دائما يطالبونني بثقة أقوى فى نفسي لأنهم كانوا يرون أنني قادرة على الفـوز بالسباق”.
ولم تتحدث وسائل الإعلام الدولية وقتها عَنْ نوال المتوكل كأبرز المرشحات الانتصار بالسباق. لكن إيمانها بقدراتها وإمكانياتها لتحقيق إنجاز مهم اثناء حاضرا بداخلها. بينما تردد مع نفسها “هذا وقتك… لا يمكن ان يضيع منك الفـوز”، رغم ان الجمهور كان يهتف باسم الأمريكية جودي براون.
“اجتزت الحاجز الاول ثم الثانى، قفزت أولا بالرجل اليسرى ثم رحت أبدل يمنى ويسرى الي خط النهايه”. لقد تقدمت الجميع. وفي مثل هذه السباقات لا تدخل فى المرتبة الأولى إلا عداءة واحده، كانـت هذه المرة باسم عربي فى سابقة بتاريخ ألعاب القوى العالميه، عقبتها احتفالات وأعراس رياضية فى بلدها الأصلي المغرب وغيرها مـن البلدان العربية بهذا الإنجاز.
“مسار نوال المتوكل مصدر إلهام وتشجيع”
وتذكر الناشطة الحقوقية فدوى الرجواني، فى حديث لفرانس24، تأثير هذا الإنجاز على الأجواء العامة فى المغرب وقتها. “نحن كمغربيات حدثنا كثيرا أهلنا وأساتذتنا عَنْ تتويج نوال المتوكل كأول امرأة عربية تفوز بميدالية ذهبية يـوم 8 أغسطس/آب مـن عَامٌ 1984، لدرجة ان الملك الحسن الثانى وقتها، أمر بأن تسمى كل مولودة فى ذلك اليـوم باسم نوال، كنا نشعر بفخر كثير، ونرى فيها مثالا لامرأة استطاعت ان تقتحم مجالا مخصصا للذكور وتتفوق فيه… وعشنا لسنوات نشاهده على التلفزيون، وهو ربما ما جعل العديد مـن الفتيات المغربيات والعربيات عموما يلجن عالم الرياضة”.
وكان لهذا الحدث إشعاع حتـى على المستوى العربي. “بدأنا نرى بطلات عالميات فى بلدان عدة شكل لهن مسار نوال المتوكل مصدر إلهام وتشجيع” تقول الرجواني، مشيدة أيضا بالانخراط السياسي لهذه البطلة بعد انتهاء مشوارها الرياضي. “لن نبالغ إذا قلنا ان مسار نوال المتوكل الرياضي والسياسي والمسؤوليات الدولية التى تقلدتها يجعل منها أيضا مناضلة مـن طينة أخرى وبطريقة مختلفة، لمزيد مـن تكريس الحريات وحقوق النساء وحقهن فى التواجد بمختلف الميادين وتحقيق النجاح عبر إعطاء نموذج وقدوة مستمرة فى الزمان..”.
فإضافة الي الإنجازات الرياضية، شغلت نوال المتوكل عدة مسؤوليات فى مؤسسات رياضية دولية وحكومية. أصبحت عضوا فى المكتب التنفيذي للاتحاد الدولى لألعاب القوى ثم فى اللجنة الدولية الأولمبية فى 1995، وفوضت لها حقيبة وزارة الشباب والرياضة فى المغرب سنة 2007، بينما شغلت اعوام التسعينيات وزيرة الدولة لنفس القطاع. وترأست اللجنة الأولمبية التى تشرف على تقييم ملفات المدن المرشحة لاستضافة الألعاب الأولمبية فى 2008. وفي 2015 منحها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند وسام الشرف كشخصية مغربية وأفريقية مؤثرة.